في ليلة ممطرة ورياح هائجة ، كادت أن تقلع سقف منزل عمار، الذي بالكاد أن ازاح عنه سقف مصنوع من نبتة الشقالية...ووضع الزنك أو القزدير مكانها ، بحيث يتكون بيت عمار من غرفتين وغرفة كبيرة تسمى( البيت ديال العولة ) مقسومة الى قسمين ، جهة للماشية وجهة للمطبخ ، وهو عبارة عن« كانون » حفرة صغيرة توقد فيها النار ومحاطة بالمناصب ، مرات عمي الحسنية كانت تطهو البيصارة في قذر من طين « الكذرة » وأبنائها الستة محاطين بها ، وهي تحرك البيصرة بالعود الخشبي« أمراك» المصنوع من شجرة سنو ، وتارة أخرى تحرك النار من تحت الكذرة التي إعتلاتها طبقات سوداء بسبب الدخان...اما هشام وهو آخر عنقود في الأسرة كل مرة يخطف جمرة ويبدأ بنفخ فيها...فيتلقى ضربة على رأسه بالمغروف ، من طرف أمه ، أما محمد الأبن الأكبر وهو طالب جامعي في الكلية ، ساخط على الوضعية ، تجده يلعن الواقع المعاش وهذه الحياة البدائية ، يقول لأمه : هذآ هو العشى ليكاين... ؟ فتجيبه أمه : لي عطا الله هو هذآ....ولي فدار دباباكم هو هذآ...فيرد عليها الطالب الجامعي ...ديما البيصرة....داك الشي علاش حنا مزال مكلخين....الواليد كان فاشل في حياته ...حيت معندوش برنامج ومعندوش طموح...داك الشي علاش حنا مزال في الحضيض ، اما عمي عمار ...منشغل في رسم عدد الاكيال التي زرعها خلال هذا اليوم على الحائط بعود لازال عليه اثار الدخان... «سفاط »، بحيث في نهاية موسم الحرث...يعد كم من مكيال زرع...( شحال من عبرة ديال الزراع حرث هاد السنة..)...اما رشيد الأبن الأوسط فيكتفي بإلقاء بعض كلمات الشعر العربي على أخته رفيقة التي تدرس معه في نفس القسم ، اما مليكة وهي البنت الأمية التي لم يحالفها الحض في اكمال دراستها...تساعد أمها في جلب الحطب وجمع الأواني والنفخ على النار عندما توشك على الإطفاء ، أما كمال وهو الطفل النحيف والنشيط همه هو متى يطلع النهار ويتوقف المطر لكي يذهب الى الخلاء لسرقة الزيتون ،فيبدأ يسأل أمه...ويما واش العشا طاب او مزال...راني مووووت بالجوع.، ماهي إلا لحظات حتى تحط طاولة مهترئة وعليها صحن كبير وتكب فيه البيصرة وتجد الأيادي تتخاطف من كل جانب ،وينادي رشيد الأبن العنيد والمتوحش وكوب الزيت....، ينتهي العشاء...وكل قصد مرقده ، في الصباح يستيقظ عمي عمار تحت جناح الظلام ويضع كيسا فارغا تحت ابطه ويقصد الغابة المجاورة والأراضي التي فيها كثافة الر بيع ، بحيث يوجد هناك الحلزون بكثرة....لبس البوط البلاستيكي ووضع قطعة بلاستيكية فوق رأسه....والمطر يسقط بغزارة....عندها استفاقت زوجته الحسنية واستفاقا معها رشيد وكمال وقالو له بصوت واحد فاين غادي ابابا فهاد الشتا..؟فرد عليهم وقلبه يتقطع ألما ....معرافتوش اولادي فين ماشي ..؟ماشي انجيبلكم مذقمقمو.....فالتفت الى رشيد وهو الأبن الأوسط...وقال له يالله تبشي معاي تجمع بيبو ...فرفض رشيد بدليل انه عنده المحفوظات لازم يحفضها.....أما كمال الولد النحيف والنشيط قفز من مكانه ماسكا الكيس من تحت إبط أبيه وقصدا الخلاء....يتبع
بقلم : العربي المساري