recent
أخبار ساخنة

جبالة قبل الحملات الاستعمارية الاسبانية : الحياة الاجتماعية والاقتصادية

لقد كان المجتمع الجبلي إلى حدود نهاية القرن التاسع عشر، مجتمعا تقليديا من الفلاحين والرعاة البدائيين،لم تتطور فيه قوى الإنتاج بشكل يسمح بوجود فائض يذكر، وكانت المبادلات التجارية تتم على نطاق محدود سواء بين القبائل في المنطقة، أو بينها وبين الأقاليم المجاورة بما فيها فاس . وقد كان الفلاحون ينهجون في ممارسة نشاطهم الفلاحي نهجا تقليديا صرفا، فجميع المراحل والعمليات الفلاحية تتم بواسطة أدوات بدائية عتيقة : كالمحراث الخشبي والفأس والعتلة والشاقور والحديدة والمذراة والمنجل ... والطاقة المسخرة فيها هي الطاقة البشرية والحيوانية، التي يعتمدون عليها في حمل الحطب وجر المحراث ونقل الحبوب ودرسها وتسويقها والوسائل كهذه لا تضمن تحسنا في الإنتاج . وكانوا يعتمدون في معيشتهم على زراعة الحبوب وغرس الأشجار في السفوح، خاصة أشجار الزيتون، وتربية الماشية . وأمام هذا الوضع الاقتصادي التقليدي، فقد تحددت العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الجبلي، على أساس التعاضد الاجتماعي حيث تقوم عادة بين فلاحين لكل منهما بذور وحيوان وأراضي يشتركان ليتعاونا على عمليات قطع الغابة "التعشيب" وإحراقها وتهيئ الحقول، وعلى حرثها وريها وتنقيتها ودرسها وحراستها من الطيور والخنازير. وكانت تسمى هذه العملية بـ "الشركة بالمناصفة". وكانت تعقد بين ملاكي الأرض الذين لا يقدرون على مزاولة الحراثة وبين الفلاحين الذين يتوفرون على التقنيات الفلاحية : الزوجة – بذور- تكاليف – يد عاملة. شراكة تسمى بـ "الشركة بالخبزة" . وفي ميدان الإنتاج ، كانت الأراضي ملكية جماعية، يتوقف حق الفرض في الأرض على انتمائه للقبيلة. بالإضافة إلى الأراضي الجماعية، كانت تسند للأفراد قطع يتولون استغلالها بكل حرية. وكان السقي وتعهد التربة يعتمد على تعبئة جميع طاقات العناصر المكونة للجماعة. كما كانت عملية الحرث والحصاد تتم بالطريقة المعروفة بـ "التويزة" ومن مظاهر هذا التعاون وجود المخازن الجماعية، المعروفة في جهات أخرى بـ " أكادير ". كما كان هذا التعاون يتجلى في تقديم المساعدة أو "المعونة" للجيران المحتاجين ، وتسمى هذه العادة ب"الوزيعة" حيث تشتري الجماعة دابة وتتقاسم لحمها . كما عرفت المنطقة بصناعتها التقليدية المختلفة : مثل النسيج والخزف والخياطة والدباغة، وصناعة الحصر، والصمغ والصابون البلدي والنجارة والحدادة وصناعة الأسلحة التقليدية (العدة والبارودة والمكحلة ) وغيرها . وكانت الصادرات تتمثل في عدة منتوجات إما محلية أو مستوردة من داخل المغرب وخارجه وهذه الصادرات هي : الدبغ (يستخدم في دباغة الجلود) ثم الدواجن، والبيض، والجلود، والقطاني، صابون بلدي، زيت، صوف ... أما الواردات فتشمل الأسلحة والبارود والأواني المعدنية وقطع الحديد والأشياء المصنعة حديثا والسردين والتوابل ...ولم يتعرفوا على البطاطا إلا حوالي سنة 1900م وعندئذ بدأوا يستوردونها . وظل النشاط التجاري بواسطة القوافل قائما ومتواصلا يشارك فيه كل من يملك دابة أو رأس مال أو هما معا. وفق ما كان عليه العمل التجاري في المغرب. وبعد سقوط العرائش سنة 1911م والقصر الكبير في نفس السنة وتطوان في 1913 لم يبق أمام الجبليين إلا ميناء واحد وهو ميناء طنجة، فتحول النشاط التجاري نحوه وبدأ التجار يقبلون عليه فتعطلت التجارة مع تطوان والعرائش وأصيلا والقصر الكبير إلا بإذن خاص وفي البضاعة التي لا تنافس بضاعة المستعمر .

المصدر : مقتطف من بحث للاجازة حول  مقاومة قبائل جبالة للاحتلال الاسباني... للأخ :‎يوسف كمال‎ 
google-playkhamsatmostaqltradent